لماذا نحن بحاجة إلى إله متألم؟ – القس يعقوب صبّاغ

“لأنَّ ابْنَ الإنْسَانِ أيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ”. (مرقس 10: 45)
لماذا لا نرى نحن اليوم سوى الصليب والآلام؟ أين انتصار المسيح في حياتنا؟ نحن، مسيحيي الشرق، إلى أين؟ الصليب في مركز الصورة ولا بصيص نور؛ لا فجر قيامة يلوح في الأفق. لا نرى اليوم سوى القتل والدمار والتهجير، ولا نستطيع أن نربط آلامنا بصليب المسيح، فنراها من دون معنى، فنتساءل: لماذا نحتاج إلى إله متألم، إلى إله يدعو شعبه للألم؟ مثلما تقول كلمات الترنيمة: “اترك كل شيء واتبعني”. لكن اليوم نسأل، إلى أين؟ إلى الآلام، والجراح وما من تعزية؟ ألا يكفي الإنسان ما يعيشه من تعب ومآسي وحالة نفسية يُرثى لها؟ ما الحكمة من الألم اليوم؟ ألا نقول اليوم أكثر من أي يومٍ مضى: “اللي فينا يكفينا”؟ هل نحن بحاجة إلى إله يدعو للرثاء، بدلاً من إله قوي جبار ينقذنا مما نحن فيه؟ أسئلة كثيرة تراود ذهن السائل في فترة الآلام.
علينا أن نضع نصب أعيننا أن المـتألم والضعيف لا يعكسان الحقيقة ذاتها. نحن نربط الألم بالضعف. لكن ليس كل متألم ضعيفاً، لا حول له ولا قوة. ليس صحيحاً أن عكس الألم دوماً هو وفرة الصحة والقوة. قد يجوز هذا في مفهومنا لصحة الجسد. لكن إن نظرنا إلى الروح نرى أن عكس المتألم هو الجامد، المعدوم الأحاسيس، الأصم، البعيد. نحن بحاجة إلى متألم.
الإله المتألم هو الذي وضع نفسه عنّا ولأجلنا. نقول دوماً: “ضع نفسك مكاني”. لم يضع أحدٌ نفسه مكاننا مثل الرب يسوع المسيح؛ بل أنه شرب كأس الموت عنّا. فهذا الإله هو الذي يشجعنا أيضاً لأن نحمل أوجاع بعضنا البعض أي “فرحاً مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين”. لا ننسَ أن نقوّي بعضنا، ونتذكر أن المسيح أيضاً سمع كلمات مثل اخرج، امْضِ، اذهب من ههنا”. نعم، حتى نحن، أو البعض منا الذي طُرد من مسكنه ومدينته سمعنا هذه الأوامر، ألم يسعَ أهل المسيح في الناصرة لأن يدفعوه من على جرف الجبل، وأما هو فترك كل شيء ومضى، مثلما نقول اليوم بكلماتنا “نازحاً”؟
إن الصليب هو بحق جهالة للعالم، لكن للمخلصين هو قوة الله لخلاصنا – آمين. 
(من سلسلة “كلّ العيلة” – 2015)

31 thoughts on “لماذا نحن بحاجة إلى إله متألم؟ – القس يعقوب صبّاغ

اترك رداً على Amelie1591إلغاء الرد