كيف تشيخ؟

الشباب لايُقاس بالوقت، بل هو حالة عقلية. هو سجية الإرادة ومادة الخيال ونشاط الحواس وتغلّب الشجاعة على الجبانة، وتفوّق قابلية المغامرة على محبة الراحة والاستكانة.

لا يشيخ الإنسان بمجرّد عيشه السنين الطوال، بل بهجره مطامحه. والسنون تجعّد الجلد، ولكن تطليق الحماسة يجعّد النفس. فالاهتمام الزائد والاضطراب والشكوك وعدم الثقة بالنفس والخوف واليأس، تلك هي السنون الطويلة التي تقوّس الظهر وتفضي بالروح النامية إلى التراب.

وسواء في سن الستين أو السبعين فإنّ في قلب كلّ إنسانٍ محبّة الإبداع ولذّة الدهشة بالأفكار العالية والقوة الجريئة لملاقاة الصعاب والرغبة في التطلّع إلى المستقبل وفرح لعبة الحياة.

وأنت شاب بإيمانك، وشيخ بشكوكك. شاب بثقتك بنفسك، وشيخ بمخاوفك. شاب بآمالاك الواسعة، وشيخ بيأسك. وهكذا ما دام قلبك يستقبل رسالات الجمال والفرح والبهجة والشجاعة والعظمة والقوة من الأرض ومن الإنسان ومن غير المحدود فأنت لا تزال شابًا!

ولكن متى كانت كلّ الأسلاك اللاقطة ملقاة على الأرض، ونقطة قلبك المركزية مغطاة بثلج التشاؤم وجليد الكلوحة والتقطيب، فاعلم عندئذ أنك شخت حقيقة، وليرحم الله نفسك …

(من أرشيف النشرة – تشرين الثاني 1946 – لصموئيل أولمن)

اترك تعليقاً