أين بهجة الأعياد؟ (القس ربيع طالب)

النص الكتابي: متى 10: 16-25؛ 1 تسالونيكي 5: 12-24
تحتفل اليوم الكنائس التي تتبع التقويم الشرقي بأحد القيامة، بعد أن احتفلوا بأحد الشعانين الأسبوع الماضي. هل لاحظتم أنّ الأعياد لم تعد كالسابق؟ لا أعرف لماذا فقدنا بهجتها.
لم نعد نشعر بالفرح العظيم الذي كان يأخذ النعس من عيوننا في الليلة التي تسبق العيد… كل شيء أصبح عاديًا للأسف.
متى كانت آخر مرّة بهتنا وتعجبنا من أمر ما؟ متى كانت آخر مرّة تحمسنا لحدث ما؟
إنني ألاحظ فعلًا هذه الظاهرة العامة التي تسود حياتنا، لا نتحمّس لشيء، لا لأعياد، لا لمناسبات، حتّى الأزمات، وكأننا تمسحنا ضدّ الألم، ولا لخبر سعيد، ففي غالبية الأحيان نفرح من برّا لبرّا، وليس من داخل قلوبنا.
أمر محزن ألّا نتأثّر، وكأنّنا فقدنا الروح. لاحظوا حتى الصغار بيننا، وقارنوهم بكم حين كنتم صغارًا. لقد كنّا نفرح بأصغر الأمور، بأمور أبسط ممّا تُقدّم لأولاد اليوم. وفي نفس الوقت حاولوا إرضاء جيل اليوم.
في مرّة كنت في سيارة مع أحدد القساوسة، لفته إعلان لعقد ألماس، والكلمات بالفرنسية، فسألني ربيع هل تعرف الفرنسية، ماذا يقول الإعلان… فقلت له: إنه من حقك!
الإعلان يقول للسيدات، بأنّ الحصول على هذا العقد الغالي الثمن هو من حقها الطبيعي…
هنا قد تكمن المشكلة الحقيقية يا أحبّة، لقد فقدنا الشعور بالعطية والتقدير، أصبحنا نظنّ أن كل ما نحصل عليه هو من حقنا الطبيعي. حتى الذي يعطينا إياه الرب، هو من واجباته الطبيعية تجاه خليقته.
يقول القائد الفرنسي نابوليون بونابارت: “لا نحكم شعبا إلا بأن نريه المستقبل، القائد هو تاجر الأمل”…
كل قادة العالم يجمعون الناس حولهم عادة بعد اقناعهم بأن المستقبل معهم أفضل. يرسمون لهم المستقبل المثالي.
إلّا المسيح الذي لم يزيّف لنا الحقيقة، بل قالها بصراحة في نصنا من إنجيل متى 10. فقد قال الحقيقة لتلاميذه: ستكونون كغنم في وسط ذئاب، سيسلمونكم لمجامع، يجلدونكم…
لا يحاول إيماننا المسيحي اقناعنا بأنّ الحياة ستكون سهلة. الحياة التي نعيشها فيها من الأوقات الصعبة كما الجميلة. غير أنّها لا تخلو من البركات التي تفيض علينا في كل الأوقات. فعلينا الاستمتاع بكل هذه البركات وكأنها عطايا الرب لنا، فنفرح بها.
نحن مدعوون لنكون شاكرين: “شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، للهِ وَالآبِ” (أف 5: 20)
وشاكرين هنا هي ليست فعل إنما صفة يجب أن نتميز بها. فنشكر كلّ حين. أي أننا نشكر على البركات، كما نشكر وقت الأزمات لأننا نختبر بركة أن يكون الرب معنا في مِحَننا! كما كان الروح مع التلاميذ في اضطهادهم ومعاناتهم.
المسيحي الحقيقي يا أحبة هو الذي يلاحظ هذه البركات، فيجد في كل الأوقات، حتى الصعبة منها، ما يشكر الله من أجله.
الصحة هي حلم للمريض. المنزل المتواضع هو حلم للمشرد. الغذاء البسيط هو حلم للجائع… فلنستمع بما لدينا، ولا ننسى أن نشكر الرب على كل شيء. فالمسيح نفسه عُرف بصفة الشكر، فعرفه تلميذي عمواس فقط حين أخذ الخبز وشكر وكسّر وأعطى. آمين

القس ربيع طالب

رئيس تحرير النشرة، أمين سر لجنة الإعلام والنشرة في السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان، وراعي الكنيسة الإنجيلية الوطنية في علما الشعب

اترك تعليقاً