كيف تُصبح قدّيسًا؟ (القس ربيع طالب)

النص الكتابي: 1 كو 1: 1-13
هل سألتم أنفسكم يومًا من هو القدّيس؟ وما هي الشروط التي على أساسها أصبح قدّيسًا؟
بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية الشقيقة، فيوجد العديد من الشروط، أهمها:
1. أوّل الخطوات هي أن تموت… فرغم صعوبة الكلمة، لكن هذه الخطوة هي الأسهل، إذ أنّ كل إنسان سيموت يومًا ما. لكن ليس كلّ من يموت يُصبح قدّيسًا.
2. لا يُمكن أن تُصبح قدّيسًا قبل 5 سنوات من وفاتك، وهذا أقرب وقت. فيوجد قدّيس في الكنيسة الكاثوليكية أصبح قديسًا بعد 1000 سنة من وفاته (saint Bede)
3. أن تستجيب لصلوات المؤمنين بعد وفاتك…
4. أن تعمل معجزتين على الأقل. كما يتمّ التأكيد من المعجزة في حال كان هناك تفسيرًا علميًا لما حدث أو لا… وفي حال لا يوجد تفسير علمي، تؤكّد حينها الكنيسة المعجزة.
5. بعد اجتياز كل هذه الشروط والاختبارات، يُقرّر البابا ويُعلن أنّ هذا الشخص أصبح قدّيسًا.
لكن ماذا عن الكتاب المقدّس؟ ومن هم القديسون؟
في الكتاب المقدّس ذكر كثير لكلمة “قديس وقديسين”، في العهد القديم كما في العهد الجديد. ومن أشهر الأمثلة هي كلمات بولس الرسول… الذي استخدم كلمة قدّيسين ليخاطب كل مسيحي مؤمن.
لذا في بداية رسائله يكتب عادة، كما كتب لأهل كورنثوس في رسالته الأولى: “بُولُسُ، الْمَدْعُوُّ رَسُولاً لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَسُوسْتَانِيسُ الأَخُ، 2 إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، الْمُقَدَّسِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الْمَدْعُوِّينَ قِدِّيسِينَ مَعَ جَمِيعِ الَّذِينَ يَدْعُونَ بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.”
بالنسبة لبولس الرسول فإنّ كل مؤمن أو مؤمنة يدعو باسم الرب يسوع المسيح هو قدّيس أو هي قدّيسة!
قد نظنّ أنّ هذا الأمر ينطبق على الكنيسة الأولى التي كانت أنقى وأصفى من الكنيسة المنشقّة اليوم إلى طوائف…
لكن الحقيقة ظاهرة في نفس الرسالة، فبولس بعد أن وصف مؤمني كنيسة كورنثوس بالقديسين، يكتب لهم في الآيات 10-13: ” وَلكِنَّنِي أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَقُولُوا جَمِيعُكُمْ قَوْلاً وَاحِدًا، وَلاَ يَكُونَ بَيْنَكُمُ انْشِقَاقَاتٌ، بَلْ كُونُوا كَامِلِينَ فِي فِكْرٍ وَاحِدٍ وَرَأْيٍ وَاحِدٍ، 11 لأَنِّي أُخْبِرْتُ عَنْكُمْ يَا إِخْوَتِي مِنْ أَهْلِ خُلُوِي أَنَّ بَيْنَكُمْ خُصُومَاتٍ. 12 فَأَنَا أَعْنِي هذَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: «أَنَا لِبُولُسَ»، و«َأَنَا لأَبُلُّوسَ»، وَ«أَنَا لِصَفَا»، وَ«أَنَا لِلْمَسِيحِ». 13 هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ، أَمْ بِاسْمِ بُولُسَ اعْتَمَدْتُمْ؟”
لهؤلاء المسيحيين المتخاصمين والمُنشقّين… يدعوهم بولس الرسول بالـ “قديسين”!
لماذا؟ لأنّ تعريف القديس في الكتاب المقدس هو ليس المؤمن البارّ والذي له سلطان أكثر من الآخر. القديس في الكتاب المقدس هو مثلي ومثلكم، يُخطئ وله مشاكله وتحدياته.
في العهد القديم ذكر للقديسين أيضًا، في المزمور 34: 9 “اتَّقُوا الرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِ.”
كلمة قدّيس تعني المُفرز والمُخصّص. أي أنّ القديسين هم من فرزهم الله واختارهم، أي أنّ الله هو من يُقدّسنا ويختارنا لنفسه. فلا ننال القداسة بعد نجاحنا نحن بعدة اختبارات، بل نختبرها بالنعمة بسبب ما فعله الله معنا.
في مرّة من المرّات كان رجل يسير على الطريق مع ابنه البالغ من العمر 8 سنوات. وبينما كانا يتمشيان، وصلا لكنيسة كبيرة وجميلة، وزجاج إحدى شبابيكها ملوّن وعليه أيقونة للقديسين… وللمُصادفة كانت إنارة الكنيسة مُضاءة. فكان المنظر مُلفت جدًا بالنسبة للولد.
الذي توقّف عن السير، وسأل والده: أبي من هم هؤلاء؟
فأجا الأب: إنهم القديسون يا بني…
فردّ الابن: ومن هم القديسون؟
فأخذت الأب الدهشة وهو يُحاول صياغة تعريف بسيط للقديسين، ليستطيع ابن الـ 8 سنوات فهمها.
وبينما كان الأب يلملم كلماته. نظر الولد لأبيه وقال له، أنا عرفت من هم القديسين…
فتفاجأ الوالد وسأله: ومن هم؟
ردّ الابن: إنهم أشخاص يستطيع النور اختراقهم!
أعمق وصف للقديسين أتت على لسان الطفل ابن الـ 8 سنوات في القصة. ليس المطلوب منّا الكثير، إلّا أن نسمح للنور باختراقنا ليصل إلى قلوبنا ودواخلنا! وأن ننقل نور المسيح هذا للناس. فينظروا لنا ولأعمالنا، ويمجدوا أبانا الذي في السموات.
“مَا دَامَ لَكُمُ النُّورُ آمِنُوا بِالنُّورِ لِتَصِيرُوا أَبْنَاءَ النُّورِ.” (يوحنا 12: 36)

One thought on “كيف تُصبح قدّيسًا؟ (القس ربيع طالب)”

اترك تعليقاً