مَن يقدرُ أنْ ينزعَ فَرَحَنا مِنَّا؟ (القس سامر عازر)

الفرح والحزن متلازمتان (متلازمتي الفرح والحزن) في الحياة، فلا فرح دائم ولا حزن دائم، ولربما كفة الأحزان في عالمنا تتفوق على كفة الأفراح، ويكون وَقعُها علينا أقوى وأعمق.
ولكنّ الإيمان المسيحي يتكلم عن الفرح الذي يسمو على كل ّ الأحزان، ..الفرح الذي يزرعه الله في قلوب المؤمنين بغض النظر عن كل الظروف الخارجية المحيطة بنا، وبغض النظر عن الأحزان التي قد تلّم بنا وتعصف بحياتنا وتعتصر قلوبنا، فهو فرح سماوي يسمو على كل الأحزان والملّمات والمصائب لأنه فرح سماوي يزرعه الله في قلب المؤمن ويمنحه السكينة والسلام والطمأنينة خصوصاً في أشّد الأيام إيلاما ووجعاً وحسرة، خصوصاً عندما تنهش الأيام بجسدنا الضعيف، وعندما تعصف بنا رياح العالم، وعندما يتخلَّى عنَّا الكثير من الخلاّن والأصدقاء، وعندما تصيبنا طعنة بُروتِس من أقرب المقربين إلينا!
وقد وعد السيد المسيح المؤمنين قائلا:
” ولكنّي سأراكم أيضاً فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم” (يو 22:16). لذلك، لا يقدر أحد أن ينزع هذا الفرح من قلوبنا، وإن كان فرح مغلّف بالحزن والألم والمشقة والتعب والجهد والعطاء، ولكنه سيكتمل هذا الفرح بأفراح سماوية خالدة أعدَّها الله للذين يحبونه. وهذا ما يعزينا ويقوِّي من أزرنا بأن لا نكِّلَ ولا نتعبَ ولا نخورَ في طريق الحياة الصعب والطويل، بل بالصبر والجهاد الموضوع أمامنا أن نكملَ مسيرة حياتنا برائحة تفوح عطاء وخدمة ومحبة، حتى ولو فَتُرَت المحبة في عالمنا، وحتى ولو ضعف العطاء في قلوب كثيرين، وحتى لو أصبحت الخدمة مقترنة بعالم المصالح والمنافع والمكاسب.
وبحسب وعد المسيح فإنه سيرانا فتفرح قلوبنا. وطبعاً هذا الوعد لا ينتظر تحقيقه فقط في الحياة الآتية، بل في حياتنا الأرضية اليوم، فحياتنا حلقة مكتملة مستمرة متواصلة تسير نحو الأبدية بنور الله وحكمته وإرشاده. وعندما يرانا المسيح اليوم فإن ذلك يشير إلى أنَّ الله سبحانَه وتعالى ينظر ويرى قلوبنا وينظر إلى أعمالنا وينظر مدى ثباتنا ورجائنا وإيماننا ويسكب سكيب الفرح السماوي، فتفرحَ قلوبُنا، وبحسب المزمور الرابع والثمانين ينطبق علينا قوله “عابرين في وادي البكاء يصيرونه ينبوعا” (مز 5:84)، فحياتنا سوف تنبع إلى حياة أبدية ، لأننا ننمو من قوة إلى قوة ومن بركة إلى بركة ومن إيمان لإيمان، نمشي ولا نعيا ونركض ولا نتعب.
لنكن على ثقة ويقين أنه لا يقدر أحد أن ينزع فرحنا منّا.

اترك تعليقاً