لا تغرب الشّمس على غيظكم (القس سهيل سعّود)

اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا. لاَ تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ” (أفسس 26:4)
من أقوى المشاعر الإنسانية، مشاعر الغضب أو الغيظ. في المعنى اللغوي للكلمة، هناك كلمات عدّة تعني “الغضب”، ولكنها تشير إلى درجات متفاوتة، ابتداء من المعنى الأول “للغضب”، الذي هو الانزعاج وعدم الرضى من أمر ما، إلى درجات متقدمة في الغضب، نشير إليها بكلمة “غيظ” أو “سخط”، والتي تصف حالة الغضب الشديد. وبالرغم من أن استخدام كلمات الغضب المتعددة من اللغات الأصلية قد لا يعبّر عن وصف الحالة بشكل دقيق في الترجمات العربية للكتاب المقدس ، إلاّ أنه في تعريف الكلمة: “الغضب هو حالة تُراوِحُ ما بين الانزعاج وعدم الرضى من أمر ما، إلى حالة الغليان التي قد تؤدي إلى نتائج خطرة لا تحمد عقباها، وتضع الإنسان تحت رحمة مشاعر قوية لا يعرف إلى أين تقوده.”
 
في مقالة بعنوان: “تحكّم بغضبك قبل أن يتحكّم بك” “Controlling anger before it controls you ” كتب العالم النفساني Charlie Spielbeger (المتخصص في دراسة تأثير الغضب في الإنسان): “الغضب مشاعر إنسانية، وفي الحالة الطبيعية مشاعر صحيّة. لكن عندما يخرج الغضب عن سيطرتك ليتحكم هو بك، عندها يتحول إلى حالة نفسية، لا تستطيع أن تتكهن إلى أين تقودك، ولا يُتَوقّع مدى نتائجها وأضرارها”. ويتابع الكاتب قائلاً: “يرافق الغضب الذي يتخطى الحدود الطبيعية تغيير فيزيولوجي وبيولوجي، من تسارع في دقات القلب، إلى ارتفاع في ضغط الدم، إلى زيادة في نسبة إفرازات هورمونات الطاقة، إلى غيرها من العوارض الجسدية”.
 
انطلاقاً من هذا التعريف للغضب، أود أن أتحدث عن نوعين من الغضب مستمدّين من دراسة بعض حالات الغضب في الكتاب المقدس: الأول، غضب الغليان غير المبرر الذي يؤدي الى نتائج خطرة تحزن قلب الله ، وهو كما يسميه الرسول يعقوب: “غضب الإنسان الذي لا يصنع برّ الله” (يعقوب 20:1). والثاني، غضب الانزعاج وعدم الرضى عن أمور تسيء إلى الإيمان والشهادة المسيحية، وهو غضب صحي مبرّر يصنع برّ الله.
 
يقول كاتب سفر الأمثال: “الرجل الغضوب يهيِّج الخصومة، وبطيء الغضب يسكّن الخصام” (أمثال 18:15). هذا القول هو أساسي جدًا لوصف دوافع النوع الأول من الغضب. فكل غضب يسعى إلى إثارة الخصومات والمؤامرات، ويؤدي إلى حقد وكراهية ونتائج سلبية على صعيد علاقات الإنسان مع الله ومع الآخرين، هو غضب مرفوض وغير مبرّر لأنه لا يصنع برّ الله. والأمثلة من الكتاب المقدس كثيرة. نكتفي بعرض ثلاثة منها:
1- غضب قايين
2- غضب شاول الملك
3- غضب الابن الأكبر
 
غضب قايين: نرى النموذج الأول من غضب الغليان الذي خرج عن السيطرة في غضب أو “غيظ” قايين من أخيه هابيل، لأنه لم يستطع أن يتحمل أن الله نظر إلى قرابين أخيه من الغنم ولم ينظر إلى  قرابينه من ثمار الأرض (تكوين 4: 1-7). يقول كاتب سفر التكوين: “فاغتاظ قايين جدّاً وسقط وجهه” (تك5:4). ومع أن الله حذّر قايين من نتيجة غيظه الشديد الذي سيؤدي إلى خطية كبيرة ، قائلا” له: “لماذا اغتظت؟ ولماذا سقط وجهك؟ إن أحسنت أفلا رفع؟ وإن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة”. إلاّ أن غيظ قايين لم يساعده على تمالك نفسه، بل تحكّم غضبه به، وقاده إلى اقتراف الجريمة الأولى في التاريخ، ضد أخيه، إذ عندما كانا في الحقل قام على أخيه هابيل وقتله” (تك8:4). وهكذا نرى أن الغيظ الشديد بدافع الحسد والغيرة أدى ويؤدي إلى جرائم قتل كثيرة في العالم. يقول كاتب سفر الأمثال: “بَطيء الغضب خيرٌ من الجبار، ومالك روحه خيرٌ ممن يملك مدينة” (أمثال32:16).
 
غضب شاول الملك: يخبرنا سفر صموئيل الأول (20: 30-33) عن غضب الملك شاول من ابنه يوناثان. وخلفية هذا الغضب، أن شاول الملك لم يستطع أن يتحمل داود “لأن الرب كان معه إذ كان مفلحاً وناجحًا في جميع طرقه” (1صم14:18). فقد رأى الملك شاول في شخص داود منافساً له على عرش المملكة، فقرر أن يقتله، لكن ابنه يوناثان كان محبّاً جدّاً لداود وفرِحاً به (1صم 19: 2؛ و20: 17). وقد جرت العادة أن يجلس داود مع الملك وابنه على مائدة الطعام في وقت محدد، فاستغنم الملك هذه العادة، كيما يتخلص من داود. لكن داود اتفق مع يوناثان بأنه لن يأتي إلى المائدة بل سيذهب إلى بيت لحم، وذلك دون أن يعلم الملك. وحينما حان الموعد لم يأت داود. وفي اليوم الثاني، لم يأت أيضًا داود إلى المائدة. وعندما سأل الملك ابنه لماذا لم يأت، أدرك بأن يوناثان علم السبب ولم يخبره. عندها “حمي غضب شاول على يوناثان” (1صم30:20) لأنه اكتشف أن ابنه يحمي داود، بل وجّه إلى ابنه كلمات بذيئة لاعناً إياه ومستخدماً أسوأ النعوت عن أمه، إذ قال له: “يا ابن المتعوّجة المتمردة، أما علمت أنك قد اخترت ابن يسى لخزيك وخزي عورة أمك، لأنه ما دام ابن يسى حيّاً على الأرض لا  تثبت أنت ولا مملكتك. والآن أرسل وآت به إلي لأنه ابن الموت هو” (1صم20: 30-31). وعندما حاول يوناثان أن يدافع عن داود قائلاً لأبيه: “لماذا يُقتل؟ ماذا عمل؟”  ازداد غضبه أكثر، ولم يعد يتمالك نفسه، فرمى الرمح نحو ابنه ليطعنه محاولاً قتله (1صم33:20). وهكذا نرى أن الغضب الشديد لا يصنع برّ الله، بل يؤدي إلى التفوُّه بكلمات بذيئة ومسيئة حتى بين أفراد العائلة الواحدة، كما قد يؤدي إلى محاولات قتل الابن لأبيه، لا سيما عندما يكون السبب الصراع على السلطة.
 
غضب الابن الأكبر: في مَثَل الأب وابنيه، أو كما يسمّى مثل “الابن الضالّ”، يخبرنا البشير لوقا  (أصحاح 15)، أنه عندما عاد الابن الضال إلى البيت واستقبله أبوه سالماً باحتفالات الطرب والرقص، فإن موقف الابن الأكبر من عودة أخيه الضال كان سلبياً. يقول لوقا (27:15): “فغضب ولم يرد أن يدخل”. رفض الابن الأكبر المشاركة مع أبيه والآخرين في الفرح والرقص، وأصرّ على مطالبه الشخصية وحقوقه ( مع أنه لم يطلب شيئاً من أبيه، ولم يرفض أبوه أياً من مطالبه). وبالرغم من أن أباه خرج إليه طالباً منه الدخول إلى البيت لمشاركة العائلة بالفرح قائلاً له: “ينبغي أن نفرح ونسرَّ، لأن أخاك كان ميتًا فعاش وكان ضالاً فوجد” (لوقا 13:15)؛ إلاّ أن غضب الابن الأكبر تحكّم فيه، فأصر على موقفه السلبي ورفض المشاركة. وهكذا نرى أن الغضب يؤدي إلى الانقسامات وتدهور العلاقات في العائلات، ويقف عائقاً أمام المشاركة في توبة وأفراح الناس.
 
وإذا جمعنا ما تعلمناه من هذه الأمثلة الثلاثة عن دوافع النوع الأول من الغضب، فإننا نلاحظ أن السبب الأساسي هو التمركز حول الذات الإنسانية، التي تؤكّد كبرياء الإنسان وحسده وغيرته وصراعه على السلطة، وإصراره على مطالبه ورغباته الشخصية، دون الأخذ بمطالب الله وخدمة الآخر. لهذا، فإن نتائجه هي: القتل، الكلمات البذيئة، حيك المؤامرات، الانقسامات، ورفض المشاركة في أفراح الآخرين. فهذا الغضب لا يصنع برّ الله (يعقوب20:1).
 
ولكن، هل كل الغضب مرفوض؟ هل كل الغضب غير مبرر، أو غير مقبول؟ يقول الرسول بولس لأعضاء كنيسة أفسس: “اغضبوا ولا تخطئوا. لا تغرب الشمس على غيظكم، ولا تعطوا إبليس مكاناً” (26:4). إن كلمة “اغضبوا” في الأصل اليوناني اللغوي لا تشير إلى إعطاء تعليمات لأعضاء الكنيسة ليغضبوا، وكأن الرسول بولس يأمر أعضاء الكنيسة بالغضب؛ بل إن السياق اللغوي للكلمة يأخذ في الاعتبار أن هناك أموراً وقضايا قد تغضبنا لا محالة، في بعض الأحيان، كما غضب الله في العهد القديم والرب يسوع المسيح في العهد الجديد، عندما تواجها مع بعض القضايا التي تثير الغضب. وبالتالي، فالصيغة اليونانية  التي وردت فيها كلمة “اغضبوا” تشير إلى الآتي: قد تغضبون وتغتاظون؛ ولكن إن غضبتم واغتظتم يجب أن يكون غضبكم ضمن حدود القداسة المسيحية: في القدرة على تحكّمكم فيه وليس تحكّمه فيكم، وفي طريقة التعبير عنه ضمن حدود الآداب المسيحية، وفي مدة الغيظ التي يجب أن لا تطول بل تنتهي مع غروب الشمس في المساء؛ حتى عندما تخلدون إلى فراشكم وتستيقظون صباح اليوم الثاني، يجلب معه اليوم الجديد غفراناً ومصالحة. والسبب الأساسي في كل ذلك، يقول الرسول بولس: “لئلا تعطوا إبليس مكاناً” فتقعوا تحت تجربة مخاطر الغيظ وتصيروا ضحية له، فتقترفوا الخطايا التي لا تصنع برَّ الله.
 
يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية: “لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم، الذي يحجزون الحق بالإثم” (18:1). أنا شخصياً أعتقد بأن هناك غضبًا مبرراً، أو كما يسميه البعض “غضبًا مقدساً”، وأنا أسمّيه “غضباً مسيحياً”، وهو النوع الثاني من الغضب الذي يشبه غضب الله وغضب المسيح الذي سنتوقف عنده من خلال بعض الأمثلة، والذي ينشأ من الانزعاج والرفض لكل أمر نرى فيه إثماً وفجوراً وفسادًا وظلماً وحجزاً للحق بالإثم. فمن غير المقبول على الإطلاق أن نرى هذه الأمور وغيرها المتفشّية في عالمنا ونبقى صامتين لا تتحرك فينا مشاعر الغضب والانزعاج مما نراه. فصمتنا يشير إلى موت روحي وانعدام الشهادة المسيحية. فالغضب المسيحي يجب أن يقودنا إلى القيام بما نستطيعه من مواقف وأعمال نبوية، تؤدي إلى التغيير  وسيادة الحق والعدل كيما يساهم غضبنا المقدس في صنع برّ الله.
يذكر سجلّ الكتاب المقدس أمثلة كثيرة على النوع الثاني من الغضب، الغضب المبرر أو الغضب المسيحي الذي يصنع برَّ الله ، نتوقف عند أربعة منها:
1- غضب الله من الملك آخاب
2- غضب المسيح بسبب تحويل الهيكل إلى بيت للتجارة
3- غضب المسيح من انزعاج اليهود لشفائه إنساناً يوم السبت
4- غضب المسيح من التلاميذ لأنهم حاولوا منع الأولاد من القدوم إليه
 
غضب الله من الملك آخاب: يذكر الأصحاح الحادي والعشرون من سفر الملوك الأول، قصة حزينة
جدًا تثير الغضب في نفوس كل من يسمعها، إنها قصة مؤامرة زوجة آخاب الملك إيزابيل للاستيلاء على قطعة أرض لفلاح فقير اسمه نابوت اليزرعيلي. يخبرنا كاتب سفر الملوك الأول أنه كان لنابوت اليزرعيلي كرم بجانب قصر الملك، فأراد الملك آخاب أن يأخذ كرمه إما من خلال بيعه له أو استبداله بكرم آخر. إلاّ أنه، ولأسباب تتعلق بوصية الشريعة بضرورة إبقاء الميراث في العائلة، رفض نابوت اليزرعيلي إعطاءه للملك. اغتمّ الملك من ذلك؛ عندها تدخلت زوجته إيزابيل واختلقت مؤامرة ادّعت فيها بأن نابوت اليزرعيلي سبّ الملك وجدّف على الله، طالبة من شاهدين إعطاء شهادة زور على أمور لم يفعلها ذلك الفلاح، مما أدى إلى رجمه حتى الموت وحصول الملك على بستان ذلك الفلاح الميت. إن تلك الحادثة أغضبت الله، فقال: “إن آخاب باع نفسه لعمل الشر في عيني الرب إذ قد أغوته إيزابيل امرأته” (1مل25:21). عندها غضب الله على الملك وزوجته، وقال للملك: “لأجل الإغاظة التي أغظتني” (1مل22:21). وعندما أتى الملك ليرث أرض ذلك الفلاح المسكين، قاصصه الله وزوجته، قائلاً له: “هل قتلت وورثت أيضًا؟ … في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضًا” (1مل19:21). في هذه القصة، نتعلم من الله أن الغضب يمكن أن يكون مبرراً: عندما نرى المتسلطين يحيكون المؤمرات ضد المساكين والمظلومين، وشاهدي الزور الذين يلفّقون الاتهامات والكذب للاستيلاء على أملاك الفقراء. ألا ينبغي أن يغضبنا ما حدث، والأمور المشابهة التي تحدث في العالم؟
 
غضب المسيح بسبب تحويل الهيكل إلى بيت للتجارة: يذكر البشير يوحنا في الأصحاح الثاني، أنه عندما دخل المسيح إلى الهيكل ليصلي، رأى بعض التجار يسيئون استخدام الهيكل، وبدلاً من أن يستخدموه للصلاة والعبادة، استخدموه لبيع البقر والغنم وللصيرفة ، فغضب المسيح وصنع سوطًا من حبال وطردهم قائلاً لهم: “لا تحولوا بيت أبي إلى بيت تجارة”(يوحنا15:2). وهنا نرى نوعاً آخر من الغضب المبرر: إنه الانزعاج ورفض تحويل بيت الصلاة إلى بازار للتجارة، إنه الانزعاج ورفض المتاجرة بالدين من أجل مصالح شخصية.
 
غضب المسيح من انزعاج اليهود لشفائه إنساناً يوم السبت: يخبرنا البشير مرقس في الأصحاح الثالث من إنجيله (1-6)، أنه في يوم سبت دخل المسيح إلى الهيكل، فوجد رجلاً يده يابسة، فأراد أن يساعده ويشفيه. وعندما سأل الحاضرين، وكان من ضمنهم مجموعة من الفريسيين والهيروديسيين، إن كان يحل فعل الخير أو فعل الشر يوم السبت، سكتوا؛ وقد أشار سكوتهم إلى غلاظة قلوبهم وغياب الرحمة عنها، رافضين حتى فعل الخير بشفاء ذلك الإنسان المحتاج إلى الشفاء يوم السبت. فما كان من المسيح، كما يقول مرقس، إلا أن “نظر حوله إليهم بغضب، حزيناً على غلاظة قلوبهم، وقال للرجل: مدّ يدك، فمدها، فعادت يده صحيحة كالأخرى” (3: 4-6). وهكذا نرى المسيح يبرّر الغضب ضد الذين يعترضون ويقفون عائقًا في وجه من يقدمون الخدمة والشفاء والخير والصلاح للناس المحتاجين، داعياً إيانا للخدمة.
 
غضب المسيح من التلاميذ الذين حاولوا منع الأولاد من القدوم إليه: يدوّن البشير مرقس في الأصحاح العاشر من إنجيله غضبَ، بل غيظ المسيح من التلاميذ الذين انتهروا الناس الذي قدّموا إليه أولادًا كيما يلمسهم ويباركهم، محاولين منعهم من الوصول إليه. فموقف التلاميذ هذا أغاظ المسيح. يقول مرقس: “فلما رأى يسوع ذلك اغتاظ، وقال لهم دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات؛ فاحتضنهم ووضع يديه عليهم وباركهم” (10: 13-16). وبموقفه هذا برّر المسيح الانزعاج والغضب ضد كل من حاول ويحاول أن يصدّ الأولاد ويمنعهم من القدوم إلى المسيح، الانزعاج والغضب من الذين يقفون عائقاً في وجه تأمين الراحة والحضن الدافىء للأولاد، لا سيما المحتاجين للراحة والأمان.
 
وإذا جمعنا ما تعلمناه من هذه الأمثلة الأربعة حول النوع الثاني من الغضب المبرر، الذي ظهر خلال التعبير عن الانزعاج والرفض لكل أنواع الغش والخداع وحيك المؤامرات والكذب وشهادة الزور، والمتاجرة بالمقدسات باسم الدين، والاعتراض على تقديم الخدمة إلى المحتاجين، ومحاولة منع الأطفال من القدوم إلى المسيح، مع التشديد على أن يكون التعبير عنها منسجماً مع القداسة والشهادة الحقة وحياة الإيمان، نلاحظ أن الدافع الأساسي المشترك وراء هذا النوع من الغضب لدى هذه الأمثال وغيرها، ليس التمركز حول الذات الإنسانية ، كما كان في النوع الأول من الغضب المرفوض؛ فليس هناك أية مصالح شخصية وشهوات شخصية في هذا الغضب، بل فقط صنع البر الذي يريدنا الله أن نصنعه بمواقفنا، وخدمة حاجات الآخرين.
          فيا ليت الله يعطينا نعمة من لدنه حتى نعيش بحسب إنجيل المسيح، فنرفض الغضب غير الصحي وغير المبرر الذي ينشأ بدوافع أنانية ويشوّه شهادتنا للمسيح، ويعوق علاقتنا مع الله والإنسان. وإذا غضبنا، ليكن غضبنا منسجمًا مع إيماننا وشهادتنا، فنتخذ المواقف التي تصنع برّ الله وتمجّد اسم المسيح ـــــ آمين.
(من أرشيف مجلّة النشرة – حزيران 2013)

38 thoughts on “لا تغرب الشّمس على غيظكم (القس سهيل سعّود)

اترك تعليقاً