درس من حجارة – القسيسة رولا سليمان

قراءة من سفر يشوع 4: 1 – 14
إنها واحدة من الأحداث الأكثر تشويقًا في الكتاب المقدس. لقد انتظر العبرانيون أربعين سنة حتّى حان الوقت الآن. لحظة مؤثّرة وهم يسيرون عبر قاع نهر الأردن، الذي فُتِحَ لَهم بقوةٍ ومعجزة من الله. خلفَهم، يتركون سنينًا وعقودًا مُرهقة من التعرُّج في بريّة قاحلة، والذكريات المأساوية لعدد كبير من الجنازات لجيل كامل من الناس الذين لا يثقون بوعود الله وينتظروها ولكنَّها لم تتحقَّق خلال حياتِهِم. العبودية في مصر والصراع للبقاء في الحياة البدوية هي تجارب صارت من الماضي الآن.
إنفتَح أمامهم فصل جديد! أمامهم أرضًا أكثر ثراءً وغنى من أحلامهم، أكثر ثمرًا من آمالهم، وأجمل من خيالهم. الآن هي لهم من خلال وعد الله الثابت.
لا بد أنهم شعروا بالسريالية أن يقفوا أخيرًا في أرض كنعان، أرض الموعد، الشعور قريب من الشعورعندما تفتح باب منزلك الأول الذي اشتريته، كل شيئ جديد، ترى حلمك يتحقَّق. يجب أن يتم ويتحقَّق وعد الله القديم لإبراهيم ويكون أمرًا رائعًا.
وقد تضخمت فرحتهم بالأحداث الأخيرة بشكل تدريجي. عندما وصلوا إلى الأردن، وجدوا أنها مرحلة الفيضان. غابة مغطاة بالتيار السريع الذي ترك أرض العبرانيين مسطحة. كان النهر غير سالك، وعبوره مستحيلًا.
لكن الله تدخل، وأقام مُعجزة موازية لِمُعجِزة الخروج من مصر. شقَّ الله مياه نهر الأردن، كما فعل مع البحر الأحمر. عَنَى الله ما قالَه من خلال موسى قبل سنوات. هنا نرى توقيعه مرة أخرى، بنفس الطريقة، ليؤكد لشعبه أنه كان أميناً في كلمته ومازال حتى الآن.
تخيلوا بذلك الوقت، أنه كانت هناك تسابيح وهتافات حيث كان شعب الله يعبدون ويسجدون. ولكن كان هناك أيضًا عمل مُهم يستدعي انتباهنا هذا الصباح. بعد عبور العبرانيين، أعطى الله يشوع تعليمات محددة للغاية، مسجلة في يشوع 4: 1-3: بعد أن انتهى عبور جميع العبرانيين من نهر الأردن، تحدث الرب إلى يشوع
 وقال:
 ” 2«انْتَخِبُوا مِنَ الشَّعْبِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ كُلِّ سِبْطٍ، 3وَأْمُرُوهُمْ قَائِلِينَ: احْمِلُوا مِنْ هُنَا مِنْ وَسَطِ الأُرْدُنِّ، مِنْ مَوْقِفِ أَرْجُلِ الْكَهَنَةِ رَاسِخَةً، اثْنَيْ عَشَرَ حَجَرًا، وَعَبِّرُوهَا مَعَكُمْ وَضَعُوهَا فِي الْمَبِيتِ الَّذِي تَبِيتُونَ فِيهِ اللَّيْلَةَ».
فعل يشوع بالضبط كما قِيلَ له، وأعاد هؤلاء الرجال المختارين إلى قاع نهر الأردن حيث كانوا سيعيدون 12 حجرًا – أحجارًا مدفونة في وقت ما، لا يُمكن الوصول إليها، مغطاة بتحدي لإيمان شعب الله، لكن كان من السهل الوصول إليهِم الآن.
لأن الأحجار لا تتراكم فوق بعضها بشكل طبيعي، سيأتي يوم سيطلب فيه أطفال العبرانيين تفسيرًا لهذه الظاهرة. إليك الجواب الذي يريد الله أن يعرفه الجيل التالي: “أخبروهم بالقصة” يقول الله في الآية 7: ” إِذَا سَأَلَ غَدًا بَنُوكُمْ قَائِلِينَ: مَا لَكُمْ وَهذِهِ الْحِجَارَةَ؟ 7تَقُولُونَ لَهُمْ: إِنَّ مِيَاهَ الأُرْدُنِّ قَدِ انْفَلَقَتْ أَمَامَ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ. عِنْدَ عُبُورِهِ الأُرْدُنَّ انْفَلَقَتْ مِيَاهُ الأُرْدُنِّ. فَتَكُونُ هذِهِ الْحِجَارَةُ تَذْكَارًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الدَّهْرِ».
تُضِيف الآيات 23-24: ” 23لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ قَدْ يَبَّسَ مِيَاهَ الأُرْدُنِّ مِنْ أَمَامِكُمْ حَتَّى عَبَرْتُمْ، كَمَا فَعَلَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ بِبَحْرِ سُوفٍ الَّذِي يَبَّسَهُ مِنْ أَمَامِنَا حَتَّى عَبَرْنَا، 24لِكَيْ تَعْلَمَ جَمِيعُ شُعُوبِ الأَرْضِ يَدَ الرَّبِّ أَنَّهَا قَوِيَّةٌ، لِكَيْ تَخَافُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ».
هذا ما يحدُث عندما يلتقي المستحيل بوعود الله. هذه هي النتيجة عندما يواجه ما لا يمكن تصديقه بثروات وبركات الله في المسيح يسوع.
والآن تعالوا معي إلى نقطة عبورنا.
ماذا تعني هذه الحجارة؟
1. كل شيء متعلق بالله
عندما يرى العبرانيين هذه الكومة من الحجارة ويسمعوا القصة، سيعرف الشعب بوضوح أنهم لم يعبروا نهر الأردن بمفردهم. ستصرخ تلك الحجارة، “لقد فعل الله هذا! بيده شقَّ هذا النهر. وبقوته وأمانتِه، حققنا هذا!”
لذا فليكن هذا النصب التذكاري يتحدث إلينا جميعًا. فليذكرنا أنه ما لم يبني الرب حياتنا ومنازلنا وكنائسنا فباطلا يتعب البناؤون (مز 127: 1).
قال يشوع للعبرانيين أن الحجارة ستكون بمثابة تذكير بأن جميع سكان الأرض قد يعلمون أن يد الرب جبّارة. نحن موجودون لنعرف الله ونعكس صورته. مباني كنائسنا موجودة، ليس لجعلنا مرتاحين أو فخورين، بل لنمجد الله فيها.
أحبائي، الحجارة الحيَّة في العهد الجديد هي نحن، نحنُ الكنيسة بمفهوم جماعة المؤمنين، وعليها أن تكون شاهداً لعظمة وعمل الله في حياتنا وفي العالم. عمل وقوة الله التي تساعدنا لمواجهة تحديات العالم، للدخول أحياناً في وسط الماء، للإيمان بما لا يمكننا رؤيته، وأن نقف أمام كل العقبات التي نواجهها بإيمان راسخ وقوي أنَّ الله معنا وسيزيل العقبات بطريقتِهِ ووقتِه وأسلوبِهِ، كما شقَّ مياه نهر الأردن وحقَّق وعدهُ لِشعبِهِ. نصلي أن يزيل الله العقبات التي نواجِهها بهذِهِ الأيام ويعبُرُ بنا أن نأتي إليه. له نسجد اليوم وفي كل يوم آمين.

اترك تعليقاً