الانتظار (الأستاذ سمير قسطنطين)

     الانتظار علامة فارقة في حياة الناس، يختبرونها باستمرار، لكنهم نادراً ما يتحدّثون عنها. نُمضي حياتنا كلها ونحن ننتظر. منذ ولادتنا ننتظر شيئاً ما، أو أمراً ما، من شخصٍ ما. في رائعة صمويل بيكيت “في انتظار غودوت” أو “Waiting for Godot” نرى مشاهدَ من الانتظار المؤلم. في الحياة مشاهد كثيرة للانتظار. فهذا طفل في الرابعة من عمره ينتظر لعبة من بابا نويل في زمن الميلاد، وذاك صبيٌ ينتظر يوم توزيع العلامات، وهناك صبية يافعةٌ تنتظر رسالة أو Email من شاب يعجبها والرسالة تتأخر، وتلك شابة تنتظر قراراً بالمبادرة يتّخذه فارس أحلامها؛ هذا تلميذ صف بروفيه تقدم من الامتحانات الرسمية وهو ينتظر انتهاء إضراب المعلّمين ليعرف النتيجة. هناك شابٌ ينتظر الإجابة من شركة ما على طلبٍ للعمل تقدّم به، وهنالك شابةٌ تنتظر العطلة السنوية لتسافر مع رفيقات لها وترتاح. العروس تنتظر يوم الزفاف، والعريس ينتظر موافقة المصرف على طلب القرض السكني؛ تلك عروس تنتظر أن تكون هذا الشهر حاملاً، وتلك أمٌ تنتظر استجابة صلاة من الله بخصوص ولدها المريض؛ ذاك رجل قابع في المستشفى منذ مدة ينتظر الشفاء من مرض خبيث، وتلك امرأةٌ تنتظر العيد ليعود أولادُها المسافرون ويُلَمَّ الشمل؛ هذا رجلٌ ينتظر معاش آخر الشهر ليسد الدين للبقّال والدكّنجي، وتلك زوجة تنتظر استتباب الأمن ليأتي زوجها من المهجر ويزورَها والأولاد؛ تلك امرأة تنتظر يوم تضع مولودها الجديد بالسلامة، وذاك رجل ينتظر أن يصبح أباً للمرة الأولى. الرجال والنساء ينتظرون في المحطات صفير القطار الآتي لينقلهم، وينتظرون في المطار موعد إقلاع الطائرة التي تُقلّهم إلى أحبّائهم. المؤمنون ينتظرون علامة في بعض المرات، والسياسيون ينتظرون أيّام الانتخابات ليكونوا فاعلين. وذاك شعبٌ بأمه وأبيه، هو الشعب اللبناني، ينتظر رحمة به من المسؤولين ليخف التوتر ويستتبَّ الأمن ويعودَ الغياب وتنفرجَ الأسارير. كلنا ننتظر؛ ننتظر قراراً أو نتيجةً أو إجابةً أو علامةً فارقة، أو مبادرةً. المهم أننا في الانتظار لا نفقد الأمل إذا كان الانتظار مؤلماً، وألّا تحرقُنا حماستنا إذا كان الانتظار مفرحاً، وهذا ليس بالأمر السهل. الممثلة الأميركية إليزابيث تايلور قالت مرة: “غريبٌ كيف أن السنين تعلِّمنا الانتظار، وكيف أنّنا كلما أصبح وقتنا أقصر كلما كانت قدرتنا على الانتظار أعظم”.

اترك تعليقاً