مع اقتراب السينودس من رسامة الواعظة ماتيلد ميخائيل صبّاغ، لتكون القسيسة المرسومة الثالثة في السينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان، والأولى في سورية، وذلك يوم الأحد في 3 نيسان 2022 في الكنيسة الإنجيلية المشيخية الوطنية في الحسكة، نشارككم مقطع من مقالة للقسيسة رولا سليمان نُشرت في كتاب أصدره السينودس بعنوان “خدمة المرأة في الشرق الأوسط”:
“خلال القرنين الرابع والخامس ميلادي، ابتدأ دور المرأة ينطفِئ تدريجياً، ووصول المرأة إلى مواقع السلطة في الكنيسة انحسر شيئاً فشيئاً. ففي مجلس لوديسيا (352 م) كانت المرأة ممنوعة من الكهنوت، ومُنِعن أيضاً من ترؤس الكنائس. قرر المجتمعون أنه “لا يجوز أن يسمح بقيادة المرأة في الكنيسة وأن لا تقترب من المذبح”. مجمع خلقيدونية (451 م) القرار رقم 15: “لا امرأة تحت سن الأربعين تستطيع أن تُرسمْ شماسة، ويتُم ذلك فقط بعد فحص دقيق”. على ما يبدو ممّا ذُكر، أرادَت الكنيسة من خِلال المجالِس البدء بتقييد رسامة الشماسات والذي كان أمراً شائعاً في ذلك الوقت، وبالطبع فإن أي شخص مرسوم شماساً يكون مؤهلاً لرسامة الكهنوت في وقت لاحق.
لا يتم تحديد حق المرأة في الوعظ والرسامة على أساس عدد النساء الخادمات أو من هن أولاء النساء. المرأة لا يجب أن تتسوَّل حقها في الخدمة. هذا الحق يمنَحَهُ لها فقط الرب يسوع، عندما سمح وفتح المجال لهنَّ أن يتبعنَه ( لوقا 3:1-3 ) أن يخدمنه ( لوقا 3:1 ) أن يتعلمن منه ( لوقا 10: 39). المرأة كانت الشاهد الأول لأكثر حدث مهم وأساسي في المسيحية وهو القيامة، وقد أُعطيَت الحق أن تذهبَ وتُخبِرَ التلاميذ عمّا رأت وأن تكون أوَّل من اعترف بيسوع ربَّاً بعد القيامة: ” قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إلى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إلى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إلى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ». فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا”.
كثيرات من النساء تتفوقن في مواهب عدة ومنها حسن الضيافة، الرحمة والعطف، متابعة التفاصيل الدقيقة، التعليم والتبشير، المساعدة وخدمة الآخرين، الرعاية والاهتمام، وحل النزاعات. كثير من الكنائس تعتمد على خدمة النساء. فبالمقارنة مع نظرائهن من الرجال، فإن القسيسات الإناث لديهن فرصاً محدودة أكثر ويواجهن تحديات أكبر وخاصة في شرقِنا. نصف التلاميذ في كليات اللاهوت اليوم في العالم هنّ من الإناث، رغم أن كثيراً من الكنائس ليست على استعداد لقبول هذا الواقع، ولكن إذا كان على الكنائس الاستمرار والبقاء على قيد الحياة في المستقبل، على المرأة أن يكون لها دور رئيسي في قيادة الكنيسة. هناك بعض المزايا والصفات الحقيقية التي يمكن للمرأة الراعية أن تمنحها للكنيسة وبعض الخصائص الرئيسية التي تمتلكها النساء والتي اختبرتهُا في خدمتي في رعاية الكنيسة، وهي حاجة في كثير من كنائسنا اليوم. أذكر بعضاً منها:
1– المجتمع خلق صورة نمطية للكاهن والراعي وكثير من الأحيان هذه الصورة ليست إيجابية، فوجود امرأة في مراكز القيادة والرعاية في الكنيسة يُساعد على كسر هذه الصورة النمطية ويجلب امتيازات جديدة للرعاية.
2- المرأة لديها شعور أكبر وأعمق نحو المهمشين في المجتمع. الدكتورة سارة لوند ، وهي راعية للكنيسة الموحدة للمسيح قالت “بصفتي امرأة، فأنا أكثر ميلاً للتعاطف مع الجماعات المضطهدة في المجتمع وأقدر اللاهوت المنفتح والقبولي”. نعم ، يمكن للرجال أن يتعاطفوا مع الناس والجماعات الذين تعرّضت للتمييز تاريخياً أو حُرمت من المساواة، لكن التعاطف العميق ينبع من التجربة المشتركة.
3- المرأة تستطيع أن تُساهِم في الكشف وتسليط الضوء على التحيُّز الذكوري في الكتاب المقدس.
لاحظ المؤلف والراعي المشيخي القس كارول هوارد ميريت أن المسيحيين قاموا بوضوح وعبر التاريخ بتفسير الكتاب المقدس من وجهة نظر ذكورية. لذلك فإننا نُخاطِر بفقدان النظرة الصحيحة والموضوعية في كيفية قراءة القِصص الكتابية وشرحِها. بثشبع لم تكن تُحِب الإغواء، وهاجر لم تكن مُعذَّبَة، ولم تكُن إستير تتبَع اقتراحات مردخاي فقط. ربما كانت المرأة على البئر تلتزم وتُطَبِق القانون اليهودي الذي يقول إنَّ المرأة مضطرة أن تتزوج من أخ زوجها بعد موت زوجها. المرأة حاملة الطيب لم تكن عاهرة. لقد تم التقليل من شأن النساء وتقويضهن، ورجمهن منذ آلاف السنين. حان الأوان للكنيسة لتقديم وجهة النظر الأخرى وإنصاف المرأة .
4- استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب قبل عامين يفيد بأن 47 في المئة من النساء اللواتي شملهن الاستطلاع في الولايات المتحدة منتظمون في حياة الكنيسة، مقارنة بـ 39 في المئة من الرجال. أكثر من 50 بالمئة من حضور الكنائس هو من النساء، لذا فإن القساوسة النساء يتمتعن بميزة التواصل والتمكن من التعرف إلى أكبر عدد من أبناء الرعية. وجود المرأة في قيادة الكنيسة يساعد ويُعطي ضمانَة للنساء المُلتزمات في حياة الكنيسة بأن راعيتهم تفهم تجاربهم اليومية بطريقة أعمق وشخصية أكثر.
5- النساء في الرعاية يُساعِدن في تكوين صورة لله أوسع وأشمل. نحن نميل إلى التفكير عن الله بصورة ذكورية، على الرغم من أن كثيراً من الكنائس قد قطعت أشواطاً من خلال استخدام لغة أكثر شمولية، ولكن لا يزال التفكير واستخدام صفات أنثوية عن الله غير شائعٍ. المرأة الراعية تُقدِم صورة أوضح عن الصور الأنثوية لله في الكتاب المقدس، كتشبيه الله بالدجاجة الأم التي تجمع فراخها.
6- بعد الإصلاح الإنجيلي، قاوم كثيرون من المسيحيين أي شيء منبثق من الكاثوليكية. ولهذا السبب فقدنا الكثير من علاقتنا مع مريم أم يسوع، التي لعبت دوراً مهماً في التقليد الكاثوليكي. كل ذلك يُساعِدنا على توسيع وإغناء الطرق التي ننظُر بها إلى الله، والتي بدورها، يمكن أن تساعدنا على النظر إلى أنفسنا كأكثر ثراءً وأوسع أفقاً كمخلوقات من جسد وروح.
7- في الكنائس التي تخدم فيها النساء كرُعاة ووجودهنَّ في مركز القيادة يساعد في تقديم مفهومٍ فريدٍ شاملٍ عن لله والمجتمع والعلاقة ومعنى العدالة ومحبة الله. الكنيسة يجب أن تكون رائدة في المساوات وانعكاس محبة الله، لا تستطيع الكنيسة بقراراتها ومعتقداتها أن تعكس صورة مخالفة للصورة التي نراها عن المسيح في الكتاب المقدس، صورة يسوع الذي قَبِل جميع الناس بغض النظر عن انتمائهم، جنسهم وخلفيتهم، وأدخلهم عصر النعمة.
8- المرأة أبطأ غضباً وأقل انفعالاً بشكلٍ عام، وهذا يساعدها على عدم اتخاذ قرارات سريعة والدخول بنزاعات تسيء إلى الحياة وسلام الكنيسة.”